الظل الذي تذرفه الأشجار... قصائد مختارة للشاعر البلجيكي مارسيل لوكونت (1900-1966) (ترجمة)

2021-07-05 01:00:00

الظل الذي تذرفه الأشجار... قصائد مختارة للشاعر البلجيكي مارسيل لوكونت (1900-1966) (ترجمة)
The Banquet, 1958, Rene Magritte

صيفٌ نقيّ

المومس والموسيقي ينزلان من العربة نحو قلب الغابة العميقة كمعرض ألوان. أنظر، الطريق تتكشّف أمامنا، كلّ ما علينا هو الانضمام إليها هناك، تحت أوراق الشجر المتثاقلة في الشمس.

في المساء تتمظهر الفسحة في قلعة النور بتصميمٍ شفاف، والعشب الأخضر، الوردي والأصفر، كأثوابٍ للعذراء أو للمسيح.

في الظلّ الذي تذرفه الأشجار، بحال كنت تنام الآن مستلقياً بعض الشيء، فشكل هذا المعطف سيكون جنّة حقيقيّة في منحدرٍ لطيف.

سرٌّ يقلق الإيماءات

بعد نزهةٍ متعبةٍ في شارعٍ رئيسيّ مزدحمٌ لمدينةٍ كبيرةٍ، بحال صادفنا شارعاً مقفراً عند منعطفٍ ما، فربّما ستراودنا رغبةً مفاجئةً في المضيّ إلى هناك بغية الراحة والتقاط الأنفاس ولو للحظةٍ قصيرة، وبحال ينبغي ألا نكون بعيدين جداً عن السبيل الذي يجب أن نسلكه، عندئذٍ قد نقرر الالتزام بها.

إنّه أحد تلك الشوارع التي يسودها صمتٌ عميقٌ ومهيبٌ ومن الممكن في هذه المناسبة ألا تُمنحَ لنا حتى خلال وقتٍ ننشغلُ فيه بالعبور بغية مقابلة شخصٍ ما.

لكن بحال لا بدّ من السماح لنا بمرور الأشخاص الذين ينتقلون من رصيفٍ إلى آخر أو ببساطةٍ لرؤية شخص ما يخرج من المنزل ويختفي عند منعطفٍ حاد، حينها لا يبدو أنّنا لن نكون قادرين، قبل لحظةٍ معيّنةٍ، على تحرير انتباه العيون من هذه الهيئة الغريبة والتافهة للجسد، لإيماءة ذراعٍ تسبحُ في الفضاء ولقدمين تسحقان ترتيب الحجارة.

النبأ غير المجدي

في الليل المركّب يشكّل المشهد في حيّ المحطّة هذا لغزاً.

والرجل حاملُ السيجارة المنتظر على الرصيف، والشرطي المتنكّر الذي يراقب خلف نافذة المقهى الصغير معتقداً أنّه على الطريق الآمن، عديما الفائدة تقريباً.

من الواضح أنّ اللغز الذي يشكلّه حيّ المحطّة هذا كافٍ بحدّ ذاته.

المعنى غير المرئي

يُرامُ تخيّل مثل هذا المشهد الصيفي في طقسٍ رماديٍّ يأخذ معنى لا يمكن لأشعّة الشمس القاسية أن تعطيه.

هذا الرمادي يثري تنوّع الغطاء الأخضر ومن ثمّ يضاعف المطر من كثافته. تبدو الأشياء أقرب إلى نفسها وبالتالي تجعلنا نفكّر في منطقة الطاقة الخفيّة أكثر.

فجأةً يعلو عصفورٌ فوق المشاهد الطبيعية للتلال: حقول، غاباتٌ ومروج، يعلو مباشرةً نحو السماء ثمّ يترك نفسه يهبط فجأةً فقط لأنّه يتعافى حين يقترب من الأرض.

ومنبهرين بالخط العموديّ المنتقل من الطائر إلى الأرض، يبدو أنّنا ندرك النقطة الحساسة في المشهد مرتدين اهتماماً خارقاً للطبيعة.

قصائدٌ ليوم الجمعة

عبثاً نجبر أنفسنا على التروّي. الحياةُ لا تلاحقنا أبداً، فيما نجازف بالبقاء وحيدين في العالم.

***

يبدو أنّ هذه الفتاة ترغبُ بأن أبتسم، إلّا أنّني منعت ابتسامتي في الحقيقة لأنّني أدركت ذلك بدقّةٍ وأثبتّ ذلك. لم يعد بإمكانها الآن أن تولد ولم أعطها الوقت لتحلم، لتتنبّأ. القسوة تمنع اللذة.

***

لم أرغب أبداً في الإيمان بالتقاء قاطرتين.

***

لا تشرق الشمس لأجل أحد.


 

لوكونت وسرياليو بروكسل في خضم الحرب العالمية الثانية (ترجمة)