تنظم "فيلم لاب-فلسطين" سلسلة من الأفلام القصيرة التي يخرجها صنّاع أفلام فلسطينيون في حجرهم المنزلي، وفي هذه الزاوية من المجلة، يشاركوننا حديثاً سريعاً عن فكرة الفيلم وصناعته، وعن يومية الحجر المنزلي لديهم.
فكرة الفيلم وصناعته
هاتفني حنا عطالله وأخبرني عن إمكانية عمل فيلم مستلهم من تجربتي مع الحجر مدته في حدود ٥ دقائق في ظرف أسبوع، وكان رد فعلي الفوري أن هنالك شباب ممتازين لذلك ولكنه قال إن الشباب سيأتي دورهم في المرة القادمة، فأخبرته أني سأرد عليه خلال نصف ساعة إذ لم أكن في مزاج به أية أفكار، ولكني تذكرت أني أوبخ طلابي عندما يقولون أن ليس لديهم أفكار فقررت أن أقبل التحدي لأختبر مصداقيتي. وهاتفت حنا وأخبرته أني قبلت بالتحدي… بعدها رأيت قطعاً من الدومينو على الأرض وتوالت صور، اكتشفت أن لها علاقة بي ولكني قررت أن أتعامل مع الشخصية الرئيسية كشخصية منفصلة عني حتى لو كانت مستلهمة مني. كتبت السيناريو ثم أخذت رأي صديق شاب هو وسام الجعفري، وأخبرته بالمشروع وتحمس وانضم لنا صديق شاب آخر هو إبراهيم حنضل، والاثنان كانا طلاباً سابقين لي ولكننا الآن زملاء مهنة وأصدقاء.
كان تحدياً بمعنى الكلمة، فمن ناحية أنا أفضّل أن أجهّز أوراقي تماماً قبل التصوير، ومن ناحية أخرى كان على الإعداد للتصوير أن يتم بسرعة، وبقيت أثناء تلك المراحل قلقاً بشأن النهاية، إلى أن هاتفت الصديق سعيد مراد وطلبت منه أن يرسل لي "بيني وبينك" بصوته وبالعود، وسعيد قبِل طلبي فهو دائماً ينقذني دون مناقشة.
تم التصوير في منزلي، وصدفة كانت زوجتي في حيفا ولا تستطيع العودة إلى البيت منذ مدة بسبب الحجر، وابنتي في الخارج، وأنا أعمل أونلاين بواسطة "جوجل ميت" لطلاب الإخراج، فطلبت منهم الحضور ولم أظهر للدرس مع أنهم متعودون على ظهوري قبل الوقت ثم استوحيت منها جلسة أخرى مرتبة نصف ترتيب.
كل الأحداث من حولي تداخلت مع الفيلم ببساطة متناهية. طلبت من زوجتي وسعيد وابنتي إرسال رسائل لي ونحن نصور، والتصوير كان لمدة يومين، ولكن أجرينا تجارب على استخدام الضوء الطبيعي، وتمّ الفيلم ببساطة دون استخدام حركة كاميرا.
عادة آخذ وقتاً طويلاً في الإعداد وفي مرحلة ما بعد التصوير ولكن التصوير دائماً ما يكون سريعاً. التحدي كان في مرحلة ما بعد التصوير والمونتاج، مونوتاج صوت، الميكساج، تصحيح الألوان، الترجمة، الكريدت…
الإعداد كان سهلاً بسبب كتابة السيناريو وتعديله في يومين، والتصوير كان سهلاً، ولكن الباقي كان صعباً. أنا ممتن بشدة لوسام وإبراهيم، الإثنان كانا حريصين بشدة على عدم إصابتهم بالكرونا لعدم نقلها لأهلهما وكانا متحمسين لمساعدتي. لا أعرف أين الحدود بين شخصيتي الحقيقية وبين الشخصية في الفيلم، ولكني أحببت الفكرة بأن الشخصية الرئيسية تسقط في عدمية ما وتفقد تواصلها مع كل شيء ولكنها تعود لشعور ما بالمسؤولية ولتحديها لما يمكن أن نسقط فيه مع فكرة التباعد الاجتماعي، وهناك العديد من الحواجز بين المكان الذي تسكن فيه الشخصية وبين العالم الخارجي مثل حديد الشبابيك والشرفات والمنزل، ووجدت أن أغنية "بيني وبينك" لفرقة "صابرين" معبرة بشدة عن تلك الحواجز التي قد تكون بيننا وبين الحياة أو بيننا وبين العالم الخارجي أو بين حبيب وحبيبة. الكورونا قد تذهب بالذاتية والأنانية إلى أبعد حد ولكنها أيضا قد تكون سبباً لتتضامن وإحساس بالآخرين.
يوميّة الحجر المنزلي
مثل الجميع أصبحت أنام وأستيقظ في أوقات مضطربة، أحاول أن أحافظ على لياقة بدنية من خلال متابعة تمرينات سخيفة على الإنترنت وأشاهد الكثير من الأفلام وخاصة ما أتاحه لنا الإنترنت في تلك الظروف من سينما عربية سينما الجنوب، أتحدث كثيراً مع أمي البعيدة وزوجتي وابنتي، وأعلّم وأتابع طلابي من خلال الإنترنت. أحياناً كدت أفقد أي دافع للاستمرارية ولكني كنت أجد طريقة وأتحايل وأعود بدوافع أخرى. أعتقد أني أشارك أغلبية الناس في يوميات الحجر.
يمكن مشاهدة الأفلام هنا.