كمال بلّاطه: أطفال فلسطين والفن الثوري

2022-02-20 00:00:00

كمال بلّاطه: أطفال فلسطين والفن الثوري
كمال بلاطة. صخرة. من سرّة الأرض, مجموعة من 12 عمل، 1997-1998. أكريليك على قماش. من مجموعة خالد شومان الخاصة، دارة الفنون - مؤسسة خالد شومان.

تعتبرُ لوحات الكتاب بمثابةِ نافذة على عالم الأطفال الداخلي أثناء الانتفاضة الأولى. ففي رسمة "الغاز في عيوني" لسحر منصور، تقفُ فتاةٌ بثوبِها المَصنوع من علمِ فلسطين وسطَ انفجارِ القنابلِ المُسيلةِ للدموع، بينما يمشي ثلاثةُ فتية مبتعدين عنها، مستمرين في مسيرتهم. تُغطي الفتاةُ أعينها لحمايتهما وتواجه الناظر للوحة لَعلّهُ يلتفتُ لمعاناتِها بعينِ العدل. 

يفتتح كمال بُلّاطة كتابه "شهادة الأوفياء: أطفال فلسطين يعيدون خلق عالمهم"، والصادر عن دار Olive Branch Press، عام ١٩٩٠ بوصفٍ بصريّ شِعريّ لعملية قبية الفدائية المعروفة "بليلة الطائرات الشراعية"، والتي استخدم فيها عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، الشاب سوري الجنسية خالد أكر، مركبة شراعيّة مقلمة باللونين الأبيض والأحمر مُحلّقاً بها؛ ليعبرَ جنوب لبنان متجهًا نحو فلسطين. هذه الوسيلة متواضعة الصنع التي استخدمها؛ للتَغلّبَ على ترسانة العدو ودفاعاته أصبحت أسطورة أكثر منها مثالاً فحسب، يتناقلها الأطفال فيما بينهم عن "صبي هبطَ على الأرضِ مَحمولًا على ما يشبِهُ الطائرة الورقيّة الهائلة ليواجه بمفرَدهُ الجنود المُدججين بِالسلاح". (١) أسهمت هذه القصة في تعزيزِ الشعور بالأمل لدى أبناء الشعب الفلسطيني وكانت إحدى اللحظات التاريخيّة التي أشعلت فتيل الانتفاضة. ينتهي الكتاب بنفسِ التصوير البصري وبنفس الطابع الأسطوري شديد الواقعيّة من خلال رسمة للفتاة سَحر منصور لمدينة القدس، يَظهر فيها جواد أسطوري بأجنحةٍ ملّونةٍ يجوبُ سماء المدينة. يصف بُلاّطة الرسمة، "تلك هي قدس مخيلتها تلك المخيلة المجنحة بشراعِ من الألوان".(٢) هذه الموازاة بين الخيال والإبداع الّلذين يحرضان على الفعل السياسي الثوري وخيال أطفال فلسطين الّذي يدفعهم إلى الرسم لإعادة خلق عالم لا يسلب براءتهم، تمامًا مثلما سعوا إلى تحرير فلسطين بثورة الحجارة، تُحيلُ إلى أن فن أطفال فلسطين هو ضرورة تعبيرية حياتية مشتبكة بالحالة الثورية ومساهمة في ديمومتها مستقبلًا. ويؤكد الكتاب هذا الربط عبر تقديم رسوم الأطفال بمحاذاة صور فوتوغرافيّة توثقُ أشكال الصمود والمقاومة الشعبية أثناء الانتفاضة، لتدعوَّ الناظر إلى تأمل لمحات من حياة الأطفال السياسية آنذاك.
الملصق الترويجي لمعرض: شهادة الأوفياء

يعرض الكتاب أعمالًا فنيّة لأطفال تراوحت أعمارهم بين ٦ و١٤ عام، جرى تنفيذها خلال الفترة الواقعة بين شباط وآذار من عام ١٩٨٨، وعرضها في المقر الدائم للأمم المتحدة في واشنطن ضمن معرض فنيّ لبُلاّطة يحمل نفس عنوان الكتاب "شهادة الأوفياء". اهتمام بُلّاطة بفن الأطفال ينبع من إيمانه بأنه تجسيدٌ لمفهوم الفن الثوري، والّذي عَرّفَهُ على أنه "ليس نتيجة عقائد ثوريّة، وإنّما نتيجة حياة ثوريّة وأعمال ثوريّة"(٣). وبذلك يعتبر كلاً من المعرض والكتاب بمثابة توثيق لصوت الطفل وحضوره في الحياة السياسية الفلسطينية ولرؤيته الفنية الثورية المدفوعة بِحُلمِ التحرر والعيش الآمن تحت سماء الوطن. عند مشاهدة أعمال الأطفال، يتساءلُ المرء: كيف وَظّفَ الطفل الفلسطيني الحيز والإيماءات والأحجام والألوان؛ لإعادة خلق عالمه على الورق؟ كيف أكد على ملامح هويته الوطنيّة؛ الإنسانية والمكانية وكيف تظهر صورة المحتل في حيزه المتخيل؟ وكيف أبصر أطفال فلسطين المستقبل؟ 

كيف صوَّر الأطفالُ الإنسانَ الفلسطيني؟

في غالبية رسوم الأطفال في الكتاب، يظهرُ الإنسان الفلسطيني كجزءٍ لا يتجزأُ من الجماعة، سواء في مشاهد الحصاد أو المقاومة أو حتى الّلعب، فوجوده وبقائه مرهونٌ برؤيةٍ منبثقةٍ عن الأمل الجمعي بالتحرر. وفي الوقت ذاته، عبر إبراز ملامح الفلسطيني من خلال تصاميم وألوان الأزياء التي تشيرُ إلى التراكيب المُتنوّعة للمجتمع الفلسطيني. كما يظهر في لوحة "يوم الإضراب" لفالنتينا العفيف (١١ عام) حيث أن جميع المتظاهرين بوجه جنود الاحتلال نساءً ورجالًا يرتدون الزي الفلسطيني التقليدي، مشيرةً بذلك أن أصلهم من القرى، بينما يرتدي آخرون ملابساً عصريّة أكثر رواجاً في الحياة المدنية. اهتمت فالنتينا بأن يرتدي كل متظاهر/ة تصاميمًا وألوانًا مختلفة عن غيره/ا، حتى كوفيات الملثمين، تنوّعت ألوانها، منها الأحمر والأبيض والأسود في إشارة إلى تعدد الانتماءات السياسيّة للشعب الفلسطيني. أما في لوحة "الإسراء فوق القدس"، تتسعُ "قدس" سحر منصور (٨ سنوات) للجميع، فيظهر براق الرسول محمد وشجرة الميلاد في سماءٍ واحدةٍ تُرصعها النجومُ زاهيّةُ الألوان ويلّعبُ تحتها الأطفال بطمأنينة.

 كذلك، تشبعت مخيلة أطفال فلسطين بألوان أرضها، فنراهم يجسدونها في ألوانِ بشرةِ أمهاتِهِم كما في لوحة "أمي" للطفل رشدي شاهين (١١ عام)، والّذي اختار الّلون البُنيّ الترابيّ؛ ليصبغَ به وجهَ أُمِهِ وشعرِها، وكأن جسدَها هو التربة الخصبة التي تزهرُ فيها الورود التي تزينُ ثوبَها النيليّ. فاستعارة "الأرض الأم" هي واحدة من جملةِ الاستعارات التي أورثَها الكبارُ للصغارِ عبرَ الحكاياتِ والأساطيرِ الخياليّة التي قصوها عليهم. 

 تظهرُ الأمُ أيضًا كحاميةٍ للأرضِ وأبناءِ الأرض، كما في لوحة "مصادرة الأرض" لإياد بربر (١٠ سنوات)، يقفُ الزوجُ في الخلفيّةِ مراقباً من بعيد: مشهد الجنديّ الإسرائيلي الّذي يصوّبُ رشاشَهُ على زوجتِهِ، فيما تتصدى الزوجةُ للجنديّ عبرَ رفع شهادة إثبات ملكيتها للأرض في وجهه، ودموع بلونِ الدم تغرغرُ مقلتيها حزنًا. وفي رسمة أخرى للطفل أحمد عوض (١٤ عام)، تحاولُ امرأتان عجوزتان تخليصَ رجلاً فلسطيني من أيدي جنود الاحتلال الّذين انهالوا عليه ضربًا، وهو مشهدٌ أَلِفَهُ الفلسطينيون خلال الانتفاضة الأولى.

وكأبطالِ الحكاياتِ الشعبيّة الفلسطينيّة، يُصوّرُ الطِفلُ الفلسطيني على أنه إنسانٌ لا يُقهر، وقادر على مجابَهةِ أحدث أسلحة القمع التي ابتكرها "الجيشُ الّذي لا يقهر". ففي رسمة "الطريق إلى المعصرة" للطفل مصطفى الحديدي (١٤ عام) يُصَوّبُ جنديٌّ إسرائيلي سلاحَهُ على أحدِ الرجال الّذين يقطفون الزيتون، ورغم ذلك، يتابعُ الرجلُ ومن حولِهِ عملهم بلا مبالاة. وفي "مجابهة على الطريق بين مخيّم قلقيلية والمستعمرة الإسرائيلية" للطفلة فالنتينا عفيف، تشرقُ على فلسطين شمسٌ بلونِ الدم في مشهدٍ يهبطُ فيه الجنودُ الإسرائيليون من طائراتِهم كأنهم يهبطونُ من كوكبٍ آخر، موجهين أسلحتهم على مجموعةٍ منَ الأطفال العُزّل. وعلى الجانبِ الآخر من الرسمة، يَظهرُ طفلان شهيدان طريحان على الاسفلت، يقفُ خلفهما أطفالٌ أبوا أن يتراجعوا، رافعين أيديهم عاليًا راسمين إشارة النصر في تحدٍ عنيد لآلة الموت الإسرائيليّة. 
 الإسراء فوق القدس، الطفلة سحر منصور، ٨ سنوات

تعتبرُ لوحات الكتاب بمثابةِ نافذة على عالم الأطفال الداخلي أثناء الانتفاضة الأولى. ففي رسمة "الغاز في عيوني" لسحر منصور، تقفُ فتاةٌ بثوبِها المَصنوع من علمِ فلسطين وسطَ انفجارِ القنابلِ المُسيلةِ للدموع، بينما يمشي ثلاثةُ فتية مبتعدين عنها، مستمرين في مسيرتهم. تُغطي الفتاةُ أعينها لحمايتهما وتواجه الناظر للوحة لَعلّهُ يلتفتُ لمعاناتِها بعينِ العدل. 

كيف صوَّر الأطفالُ المكانَ الفلسطيني؟

في وقتٍ كانَ فيه منع التجول قائمًا بصورةٍ شبه دائمة، استحضرَ الأطفالُ المشهدَ الطبيعيّ الفلسطيني بألوانهم، وحشدوا في الورقةِ المحدودةِ أكبر عدد من التفاصيل، فباتت رسومهم لمواسِمِ الحصاد وأرضِ الأجداد وحقول قراهم وينابيعها تشبهُ فن المنمنمات، وهذا يَنّمُ عن معرفتِهم الجيدة بتضاريس أرض فلسطين والتصاقهم الوثيق بها. عبر رسومهم، يتحسسُ الأطفالُ الطريقَ إلى قراهم التي هُجِروا منها، ويهتدون مما عَلِق في ذاكرتِهم من حكاياتِ أجدادِهم إلى حقولِ البرتقال وعيون المياه فيها. في رسمة "قطف البرتقال"، يستحضرُ الطفلُ مجدي السرّاج (١٤ عام) الحقولَ التي زرعَها أجدادهُ في مخيلتِهِ ويُعيدُ إنتاجها بألوانٍ ساطعةٍ ونابضةٍ بالحياة، تظهرُ نتوءاتُ الأشجارِ وتفاصيل العشب الّذي يكسوا الأرض وخيوط القمباز الّذي يرتديه الفلاحُ الفلسطيني، كما لو أن هذه الصورة المتقِدة هي وليدة تجربة حقيقيّة اختبرها الطفل. أيضًا، يعرفُ هؤلاء الأطفال تفاصيلَ بيوتِ القرية بأقواسِها وحجارتِها التقليديّة، ويعرفون كيف تتجمعُ النِساءُ حول النبعة وكيف يرفعُ الرجالُ الماءَ من البئر، بالرغم من أن معظمهم عاشوا في مخيماتٍ تتكدسُ فيها البيوتُ فوقَ بعضها مع غيابٍ تامٍ للمشاهِدِ الطبيعيّة الخلاّبة. في هذه المشاهد، يرسمُ الأطفالُ أشخاصًا بالغين فقط؛ لأنهم عرفوا هذه الأماكن من التراثِ الشَفوي الّذي نقله إليهم الكِبار، أما في مشاهد المواجهة، فيحضرُ الأطفالُ بكثافةٍ في الحيزِ المكانيّ، وذلك لأن الانتفاضة الأولى امتازت بتصَدر الجيل الفتي خط المواجهة مع الاحتلال. 

يتجسدُ ربيعُ مدينةِ الخليل في لوحةِ الطفل نجد دويك (٨ سنوات) بأسلوبٍ تجريديّ ومساحاتٍ لونيّة بألوانِ علمِ فلسطين. أما أنس دويك فَصَوّرَ ربيعَ فلسطين على شكلِ زهرةً تملأُ فضاءَ اللوحة بألوانِ العَلمِ ويحرسُها مجموعةٌ من الأطفالِ المُتَحَلِقينَ حولها؛ لرقص الدبكة. فضلًا عن ذلك، في مكان المواجهة مع المستعمر، يحضرُ عَلمُ فلسطين مقترننًا بدلالاتٍ بصريّةٍ أُخرى تُعَبِرُ عن الاحتجاج، كالغرافيتي ودواليبِ السّيارات المُحترقة والحجارة المتناثرة على الأرض؛ للتأكيدِ على امتلاكِ الفلسطينيّ للحيز المكاني. ويُمكِنُ تفسيرَ هذا الحضور المُكثف لعَلمِ فلسطين في رسومِ الأطفال كتعويضٍ عن القمع الصهيوني لمختلفِ أشكالِ التعبيرِ عن الهويةِ الفلسطينيّة، ومنها حظر العلم الفلسطيني ومعاقبة كلَّ من يحملهُ في المظاهرات أو يُعَلِّقَه في منزله بالاعتقال. 

كيف صوَّر الأطفالُ عدو الفلسطيني؟ 

في لوحاتٍ كـ "رمي الجنود بالحجارة" ورمي الحجارة" لأنس ونجد دويك، يختارُ الأطفالُ التَركيز على مشهدِ مقاومةِ الفلسطيني للمُحتل، وحذف وجود الجنود الإسرائيليين الّذين تُلقى عليهم الحجارة من المشهد، فيَشعرُ الناظرُ وكأن الحجارةَ تُلقى عليه. ويتعمّدُ معظمُ الأطفال الّذين تظهر رسومهم في الكتاب، إلى شطرِ الورقةِ إلى نصفين عندَ تصوير العدو، فجهة يظهرُ فيها جنودُ الاحتلال مدججين بالسلاح، وجهة للشعب الفلسطيني الّذي يقاوم بِسُبلٍ بدائيّة، ويفصل بينهما خط من دواليب السيارات المحترقة أو البراميل أو الصخور أو الدخان المتصاعد من القنابل والإطارات المشتعلة، فعالم المحتل الغاشم وعالم الفلسطيني المقاوم متضادين ومن المستحيل أن يلتقيا. في هذه الرسوم، يبدو الإسرائيليون محشورون في حيزٍ ضيق، بينما يتوّزعُ الفلسطينيون في المدى الأوسع، باستثناء المشاهد التي يتعرضُ فيها الفلسطيني للاعتقال، فيأخذُ الإسرائيلي حيزًا أكبر في اللوحة، وهو ما يمكن تفسيره كمرآةٍ لعقلِ الطفل الّذي يصبحُ منشغلًا  بماذا يمكن أن يفعل الجنود برفاقه. 

وكما يعرف الطفلُ تفاصيل الإنسان الفلسطيني جيدًا، فهو يعرفُ تفاصيل عدوه جيدًا أيضًا. فيرسم الأطفالُ الجنودَ بخوذٍ وقبعاتٍ مختلفةٍ دلالةً على رتبِهم العسكريّة والوحدات التي ينتمون إليها. وفي الوقت ذاته، يظهرُ الجنودُ في معظمِ اللوحات بوجوهٍ وملابسٍ شاحبةٍ وقاتمة، وذلك لأنَّ الأطفالَ وفروا ألوانهم؛ لرسِمِ عَلمِ فلسطين وتلّوينِ ملابسِ المقاومين والجرافيتي واليافطات الاحتجاجيّة. كذلك، في بعض الأحيان، يُظلِلُ الأطفالُ وجوهَ الجنودِ بلونٍ أحمر دمويّ عند تصوير أكثر أفعال الاحتلال شرًا بحق أطفال فلسطين. في رسمة "إسرائيليون يرمون فلسطينيين من حوّامة عسكرية" لعبد الله عفيف (١٤ عام)، يظهرُ الجنودُ بعيونٍ حمراء قانية ووجوه تعلوها ضحكةٌ ساديّة منتشيين بفعل رمي أجسادِ الأطفال من الحوامة العسكريّة. 

بالرغمِ من محاولاتِ العدو إرهاب الفلسطيني بالأسلحةِ المُتقدمة، وبالرغم من استشهاد الكثير، يستمرُ الفلسطيني في المقاومة وتستمرُ الأرضُ في الإزهار كما في رسمة "رفع العلم في سماء رام الله" لهناء سعادة (١٢ عام). 

كيف  جسَّد الأطفالُ مستقبلَ فلسطين فنيًا؟ 

تؤكدُ بعضُ رسومِ الأطفال ثقتهم وإيمانهم بتحريرِ الوطن وتحقيق حلم العودة. قديمًا، كانت النجومُ المضيئةُ في العتمةِ منارات يهتدي بها الإنسان، أما في رسمة "العودة إلى مخيم الأمعري تحت سماء مرصعة بالنجوم"، يضيء الطفل مراد النجوم من داخل بيوت المخيم، وليس من مصادر خارجيّة، حتى يستدلَ إلى طريقِ العودة إلى البيت الدافئ، محاولًا تجسيد حُلم العودة الّذي غَرسه الكبارُ فيه، بالرغم من أن البيت الوحيد الّذي يألفُ تفاصيله هو بيت المخيم.

أما في رسمة "يعدو جواد عربي في الشمس تطارده سّيارة جيب إسرائيليّة"، تستعيرُ فالنتينا الجواد الّذي عرفته من حكايات البطولات الشعبيّة الفلسطينيّة كرمزٍ للمناضل الّذي يشقُ بعملهِ المقاوم طريقَ حريته وحرية شعبه. يعجزُ الجيب العسكري الإسرائيلي الّذي يظهر نصفه فقط في إطار الرسمة عن اللحاق بالجواد الّذي يعدوُ في أفق لا حدود له، حاملًا  علم فلسطين وحلمها بالانعتاق. 

تعتبرُ الأشكال الفنيّة الجديدة التي حققها أطفالُ الحجارة في مخيماتِ اللجوءِ والقرى والمدن الفلسطينيّة خلال الانتفاضة الأولى امتدادًا لعزم هذا الجيل الفتي على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. تشكل أيضًا وثائق هامة تساهم في حفظ الذاكرة الجمعيّة حول واحدة من أهم الهبات الشعبيّة في تاريخ فلسطين الحديث، معززة حضور صوت الأطفال واليفع في السرديّة البصريّة الفلسطينية. 

 

كمال بلاطة. بركة الملاك. من سرّة الأرض, مجموعة من 12 عمل، 1997-1998. أكريليك على قماش. من مجموعة خالد شومان الخاصة، دارة الفنون - مؤسسة خالد شومان.
 

إحالات:

١- كمال بُلاّطة، شهادة الأوفياء: أطفال فلسطين يعيدون خلق عالمهم (نيويورك، Olive Branch Press، ١٩٩٠)، ٢٧.
٢- كمال بُلاّطة، شهادة الأوفياء: أطفال فلسطين يعيدون خلق عالمهم (نيويورك، Olive Branch Press، ١٩٩٠)، ١١٨.
٣-  بُلاّطة، كمال. "الفن في زمن الثورة الفلسطينية". "مواقف". العدد  13- 14 (1 كانون الثاني/ يناير 1971)، ١٧٨. 

جميع اللوحات المرفقة بالملف من مجموعة "سُرّة الأرض" (١٩٩٨، دارة الفنون) وهي متوالية أعمال مؤلفة من اثنتي عشرة لوحة، تم إنتاجها باهتمام من الفنانة سهى شومان وزوجها الراحل خالد شومان. قدّمت لنا الصور "دارة الفنون" مساهمةً منها في الملف.