"ليه خلّتني أحبَك"

2021-02-01 12:00:00

جملةٌ قيلت لي خلال بحثي ودردشاتي مع الناس، وللأسف كانت من امرأة مثلي. تقول بيل هوكس الناشطة والكاتبة والنسوية الأمريكية في كتابها «كل ما هو عن الحب»: ”عندما تطرح امرأة عزباء موضوع الحب مرارًا وتكرارًا فإن الافتراض المتجذر في التفكير الذكوري بأنها "يائسة"

يُهيأ لي أنني أنتظر شيئاً

هل هي أُسطورة الحب؟ أم إهتمام يتلذذ به العقل؟

ماذا أريد؟ 

 لا أريد شيئاً… فأنا بوضعٍ لا يحتمل الأذى

منذُ بدأت البحث في عملي الفردي الأدائي الجديد ”ليه خلّتني أحبَك“ والتوسّع في موضوع الحب والعلاقات في مجتمعاتنا وأنا أبحثُ عن سؤالي المركزي في هذا العمل وعلاقته في تجاربي الشخصية. هل هو انتقادي للمجتمع الذي أعيش فيه؟ أم تمردٌ عليهِ أم تصالُح؟

 كامرأة وإنسانة عاشت معظم حياتها في فلسطين تحاول أن تجد هويتها وانتمائها واستقلاليتها وحريتها وشغفها وحبها… لم أجد بعد ما الذي أبحث عنه بالحب! فبدأتُ أثيرُ الأسئلة على من حولي، ما هو الحب؟ وهل هناك تعريف محدد له؟ وكيف نتعلم عنه؟ وكيف نُعيد صياغة مفهوم مجتمعاتنا عنه. 

وحين سألتُ ما هو الحب تنوعت أراءهم فقالوا:

  • الحب توافق ومواقف وانسجام روحي 

  • الحب ليس مجرد كلمات ورسائل

  • الحب اهتمام، إنتماء، وفاء وعناية 

  • الحب نوع من المشاعر الإيجابية واللطيفة

  • الحب ليس ما تقدمه لنا وسائل الإعلام والمجتمع على أنه حب نمطي

  • الحب ھو اختیار صح، زائد احترام، زائد  ثقة، زائد اھتمام

  • الحب إنكار الذات والنشوة

  • الحب هو العيش مع الشخص المفضل لك

  • الحب إزالة العوازل بينك و بين الذي تحبه

  • الحب هو مفهوم مجتمعي واجتماعي وهو ليس واقع

  • الحب ليس له علاقة بالزواج وبحالتك المادية والاجتماعية 

  • الحب قرار 

  • الحب هو الحب من أيام قيس بن الملوح 

  • الحب سولو شو…


الاتفاق بتعريف واحد عن الحب هو أشبه بالمهمة المستحيلة. يقولُ رولاند بارثيس الكاتب والفيلسوف الفرنسي في كتابه مقتطفات من خطاب مُحب ”محاولة كتابة الحب هي مواجهة قذارة اللغة: تلك المنطقة من الهستيريا حيث تكون اللغة أكثر من اللازم وقليلة للغاية، مفرطة وفقيرة.“

إذن  فما هو الحد والخط الفاصل بين الحب والتعلق بشخصٍ ما والهوس؟ وهل هناك علاقةٌ بين هذه المشاعر والحب؟ ولماذا نرى في بداية العلاقة كل شيء جميل ومثالي في شركائنا ومع مرور الوقت نبدأ برؤية عيوبهم وتنتفي مثاليتهم وقد يصبحو مزعجين أحياناً.

سرحتُ قليلاً وعادت بي الأفكار

أريد أن أكون السبب الذي تعيشُ لأجله 

والسببُ الذي تموت لأجله

أريد أن أكون بطلة مقامك

 والسبب الذي ترسم لأجله

أريد أن أكون الهيروين الذي تأخذه

أريد أن أكون صفحتك الأولى

والعبق الذي تحبو إليه

أنت أجملُ في الأحلامِ

والأحنُ عليّ في الأحلام

حلُمتُ بك البارحة…أيعقلُ ان أستمرَ بالحلمِ بكَ؟

هناك شيءٌ ما زال عالقاً بي

سأكتبُ

وأكتبُ وأكتبُ ، عن غضبي، عن خيبتي، عن كل شيء 

لماذا لا تنسين

إنسي

 


نارُ العزوبية ولا جنةُ الزواج

جملة استفزت البعض وجملة قد تجنبَها البعض ومنهم من جادلها وبقوة. قيلَت هذه الجملة من فيلم شقاوة بنات بطولة أحمد رمزي  وسعاد حسني. حينها تجمّع الشباب و الشابات في بيت أحمد رمزي (الدونجوان الغني) وقد حملوه على أكتافهم  وكانوا يكررون هذه الجملة كثورة على مجتمعهم وفي استخفاف وشقاوة. ذكرت لي شابة في منتصف العشرينات وهي على ”قد حالها“ وهو تعبير بالعاميه للبنت المستقلة صاحبة الرأي والشخصية أن هذه الجملة إستفزتها بالذات: "أيش يعني نار عزوبية وأيش جنة زواج؟ وأضافت كتير قالولي عمرك ما رح تتزوجي بشخصيتك القوية هاي!“

كم تسيطر بعض هذه الجمل التي نسمعها ونكررها في مجتمعاتنا علينا وعلى عقلنا الباطن حتى الآن. نعم قد نختلف عليها ولكن بالجذور تقبع بعض هذه الجمل كحمل ثقيل علينا نحاول إخفاؤه أو التمرد عليه. ومن ناحية أخرى هناك الكثير من الفتيات اللاتي يفضلن ويخترن العيش بظروف زواجٍ سيئة حسب البيئة التي يعشن بها ولا يخترن العزوبية حتى لو كانت جنة لهن. إذن فالحب مربوط أيضاً بالبيئة والتنشئة، ويعتمد على استقلالية المرأة المادية والاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص.

 وحين سألتُ كيف نتعلم عن الحب؟ أجابوني:

  • الحب لا يدرس فهو شيء نختبره، نشعر به، نشهده ونعيشه. 

  • الحب نتعلمه من خلال الممارسة اليومية 

  • ونتعلمه كأطفال من أهالينا 

  • الحب نتعلمه من خلال التجربة والخطأ 

  • نتعلم الحب عن طريق التواصل مع الآخر والانفتاح

  • نتعلم الحب من الثقافات المختلفة التي تؤكد على أشكال أو أنواع مختلفة من الحب. 

  • ونتعلمه أحيانا من الأصدقاء والحكايات والأدب والتلفاز والأفلام ومن كل شخص نسمع عن تجربته. 

وحينما سألت هل الحب ثورة فأجابني البعض نعم والبعض قال انها أحياناً تكون ثورة على الذات وعلى المجتمع. 

وبعد أيام عادت لي الأحزان

فستانٌ ابيضٌ ارتديته ويهيأ لي أنه للأحلام 

يا لحيرته علي

يصدر أصواتاً وانفعالات

أتعبني في البداية وتهت من كثرة الدوران

آه كم يليقُ بي… جميلةٌ أنا بهِ 

ورقصتُ بكل سخافة

وتصاعدت بي الأحاسيس وركبني جبروت الأبيض

ففيه تسلط وعنفوان وبراءة الجرم

وردة حمراء على شعري

خرجت من الحلم متورطة بفعل جرم وقبح

وشهوة لم أتوقف عنها 

اشتقت لِحلمِكَ
 

 

"هل أنتِ يائسةٌ إلى هذا الحد للبحثِ عن هذا الموضوع!!"

جملةٌ قيلت لي خلال بحثي ودردشاتي مع الناس، وللأسف كانت من امرأة مثلي. تقول بيل هوكس الناشطة والكاتبة والنسوية الأمريكية في كتابها «كل ما هو عن الحب»: ”عندما تطرح امرأة عزباء موضوع الحب مرارًا وتكرارًا فإن الافتراض المتجذر في التفكير الذكوري بأنها "يائسة" وتبحث عن رجل. لا أحد يعتقد أنها ببساطة مهتمة فكريًا وبشغف بالموضوع.“

أنا هنا لست كباحثة أو كمرشدة أو لتحليل شرائح المجتمع ولست ضد الحب والزواج والعلاقات ولا يائسة أو معقدة. وفي النهاية ”ليه خلّتني أحبَك“ هو عمل فردي وفني (قيد التطوير) ويُجسد رحلتي في البحث عما نريده من الحب بعيداً عن الأساطير والأوهام والمثاليات. وقد قمت بعرض أولي له في لندن (مهرجان أوان) خلال شهر مارس 2020 وقد لقي نجاحاً وتفاعلاً من الجمهور بشكل كبير وحالياً اقوم بالتخطيط لتطويره بشكله النهائي في العام 2021. ولعل هذا النص هو تذوق صغير للعمل النهائي.