حنّا عطالله عن طائر الشمس الفلسطيني والتذاكر المساهمة في إنتاج الأفلام ودورة هذا العام

2020-10-19 16:00:00

حنّا عطالله عن طائر الشمس الفلسطيني والتذاكر المساهمة في إنتاج الأفلام ودورة هذا العام

"من هنا تكمن أهمية دعم الثقافة، وأهمية إنتاجها، وعدم الاكتفاء بكون الثقافة منتج استهلاكي وبكوننا مستهلكين له، بل يجب أن نتحول نحو انتاج الثقافة وليس استهلاكها فقط، لأن أهمية إنتاج الثقافة يسد الفراغات التي من الممكن أن يدخل من خلالها ثقافات أخرى معادية أو غير مناسبة لثقافة مجتمعنا، أي أن نصنع ثقافتنا البديلة بدلا من السماح بتغلغل الثقافات الأخرى"، يقول حنّا عطالله.

منذ أن قررت إدارة مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي الذي تنظمه مؤسسة "فيلم لاب: فلسطين" أن تؤسس لمسابقات الأفلام في المهرجان عام 2016، بحثت طويلاً عن شعار ومسمى للجوائز يبتعد عن الأيقونات الفلسطينية التقليدية والنمطية، وأختارت طائر الشمس ليكون أيقونة المهرجان، كما يقول المدير الفني للمهرجان، حنّا عطا الله، مضيفاً: "وجدنا هذا الطائر الذي يتواجد في فلسطين ويعتبر أحد طيورها المحلية، وهو كائن جميل، ولكونه طائر لا يعرف الحدود كما السينما والإبداع والحرية، ومن هنا جاءت فكرة تصميم الشعار مع الفنان خالد جرار، لمجسم الطائر الذي يقف على مكعب اسمنتي تخرج منه المعادن، وهي رمزية لمكعبات الاسمنت التي تخنق الطائر"

طائر الشمس الفلسطيني

اكتشف طائر الشمس في فلسطين لأول مرة عام 1865، وثبت بالدليل الحقلي لطيور الشرق الأوسط أن هذا الطائر يتخذ من فلسطين موطناً مستقراً له، وهو الأمر المعتمد من  المجلس العالمي لحماية الطيور، بكونه أحد الطيور المقيمة، وأصبح بذلك الطائر الوحيد الذي يحمل اسم فلسطين عالمياً، ويسمى أيضاً  تمير فلسطين، ويسمى بالإنجليزية (Palestine Sunbird)‏ هو طائر ينتمي إلى فصيلة التمير، التي تتواجد في أقسام من الوطن العربي وأفريقيا، ويشبه إلى حدٍ كبير طائر الطنان. وكان مجلس الوزراء الفلسطيني عام 2015 قد صادق على اعتبار 'عصفور الشمس' طائراً وطنياً لفلسطين، وتعرض الطائر لمحاولات تهويد له كما الكثير من المعالم والرموز الثقافية الفلسطينية، فقد سعى الإسرائيليون سرقة هوية الطائر واعتباره طائراً وطنياً "إسرائيلياً".

جائزة طائر الشمس الفلسطيني

منذ اعتماد "فيلم لاب" الشعار الذي صممه الفنان الفلسطيني خالد جرار، وإطلاقه رسمياً في النسخة الثالثة للمهرجان، ليكون شعاراً لجوائز مسابقات الأفلام من فئتي الروائي القصير والوثائقي، تحديداً الأفلام التي صنعت في فلسطين أو عن فلسطين، لاحقاً أضيف لها جائزة جديدة هي جائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج. لكن في هذه النسخة السابعة للمهرجان والتي تعتبر نسخة استثنائية بسبب الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا حول العالم، واعتماد نسخة مصغرة للمهرجان، اكتفت إدارة المهرجان بإطلاق جائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج فقط.

وحول تلك الجائزة يوضح حنّا عطالله: جاءت فكرة الجائزة من إمكانية خلق دعم محلي فلسطيني، وتحديدا للأفلام الروائية القصيرة، والتي تأتي قيمتها من ريع تذاكر الحضور، أي أننا حاولنا إيجاد جائزة تنبع من صلب قيم الثقافة الفلسطينية وهي التعاون والعون والتشارك معاً، لذلك قلنا للناس أن كل من يشتري تذكرة لحضور أحد عروض المهرجان، سيكون منتجاً مساهماً في إنتاج فيلم فلسطيني قيد الإنتاج، ولنكون عادلين في ذلك، شكّلنا لجنة تحكيم لتختار أحد المشاريع الذي سيتلقى الدعم، وفكرة جائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج هذه بدأنا فيها أول مرة عام ٢٠١٧ بمساهمة مالية بسيطة، وفي العام ٢٠١٨ حين أصبح لدينا جمهور يرتاد عروض المهرجان في السينما، قررنا أن تصبح العروض غير مجانية ويستخدم ريع التذاكر الرمزي ليكون قيمة الجائزة، وذلك من أجل ضمان استمراريتها حيث أنها لم تعد تعتمد على الدعم الخارجي وإنما جائزة يساهم فيها الجمهور بشكل كامل.

يوضح عطالله أنه في عام ٢٠١٨ وصلت قيمة الجائزة الى ما يقارب ٦ آلاف دولار أمريكي، بينما وصلت عام ٢٠١٩ إلى ١٠ آلاف دولار، أي أن الجمهور أصبح يحدد قيمة الجائزة بشكل غير مباشر، وهذه الفكرة من بناء ثقافة لدى الجمهور، وإشراكه بالعملية الإنتاجية، ونأمل بالسنوات القادمة أن ترتفع قيمة الجائزة مع ازدياد عدد الجمهور الذي يرتاد المهرجان وفعالياته وعروضه.

إلغاء المسابقات

نسخة المهرجان الاستثنائية التي تأتي بلا ضيوف دوليين كالمعتاد من صناع الأفلام، فرضت على إدارة المهرجان إلغاء جائزتي طائرة الشمس الفلسطيني من فئتي الفيلم القصير والوثائقي، والاكتفاء بجائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج، وبهذا الخصوص يقول عطالله: هذا العام ألغينا مسابقات الأفلام الوثائقية الطويلة والأفلام القصيرة بأنواعها، لعدم وجود تمويل لتغطية هذه الجوائز، ولعدم إمكانية حضور لجان التحكيم، ولعدم وجود أفلام كفاية، وكون المهرجان هذا العام نسخة استثنائية مصغرة ارتأينا الاكتفاء بجائزة طائر الشمس للإنتاج المخصصة فقط للأفلام الروائية القصيرة. وهي جائزة مشروطة بأن تكون لصانع أفلام من فلسطين أو أن يكون موضوع الفيلم عن فلسطين، وهذا جاء من فكرة تمكين سرد الرواية الفلسطينية وإعطائها الحق في أن تسرد ويسمعها الناس.

أهمية هذه الجائزة بهذا الوقت الصعب؟

لا يُخفى على أحد أنه وبسبب الوضع العالمي الذي فرضته الجائحة، التي خلقت حالة من الركود الاقتصادي عالمياً، أصبحت الموازنات المخصصة لدعم الأفلام قليلة، ولذلك يؤكد المدير الفني للمهرجان: أن الظروف التي فرضت علينا صعوبة في الحصول على التمويل، حتى ما قبل كورونا، بسبب الأزمة الاقتصادية الداخلية الفلسطينية، ومحدودية الدعم المقدم من المؤسسات الرسمية الفلسطينية، وكذلك من القطاع الخاص الذي كان يقدم مساهمات بسيطة، وكذلك الأمر بالنسبة للدعم الخارجي الذي أيضا بدأ يشح أكثر بسبب الاشتراطات التمويلية، ونقص بالموازنات الحكومية عالميا بسبب الركود الاقتصادي العالمي الناتج عن أزمة كورونا وتبعاتها الاقتصادية، أصبح الأمر ملحاً في خلق بدائل في هذا الوقت الصعب جداً،  في أن نكون مستعدين لمثل هذا الظرف، وإصرارنا أكثر على الاستمرار بهذه الجائزة، برزت أهمية استراتيجية اعتماد الجائزة على ريع تذاكر الجمهور بديلاً عن التمويل.
 

مع إيليا سليمان وبعض من فريق المهرجان من دورة السنة الماضية


"من يكتب حكايته يرثْ أرض الكلام، ويملك المعنى تماما"... محمود درويش

لم يكن العمل الثقافي يوماً نوعاً من الرفاهية، وتزداد أهميته أكثر في وضع استثنائي كما في الحالة الفلسطينية، حيث الثقافة سلاح وتكريس للهوية، في أوقاتٍ تزداد فيها العقبات والصعوبات، ولذلك تبرز الحاجة أكثر للدفع قدماً نحو استمراريتها، كون الفلسطينيين غير قادرين في ظروفهم الحالية على المنافسة عالمياً على المستوى الدبلوماسي أو في مجال البحث العلمي أو التكنولوجي، لكن قادرين على المنافسة ثقافياً، وأساس الصراع قائم أساسا على سردية الرواية، لكن مع شح المصادر التمويلية المحلية له، بالإضافة لأزمة كورونا هذا العام، انعكس حجم فقر هذا القطاع، وما عقد الأمور أكثر هو التمويل المشروط الذي يفرض على المشهد الثقافي الفلسطيني.

"من هنا تكمن أهمية دعم الثقافة، وأهمية إنتاجها، وعدم الاكتفاء بكون الثقافة منتج استهلاكي وبكوننا مستهلكين له، بل يجب أن نتحول نحو انتاج الثقافة وليس استهلاكها فقط، لأن أهمية إنتاج الثقافة يسد الفراغات التي من الممكن أن يدخل من خلالها ثقافات أخرى معادية أو غير مناسبة لثقافة مجتمعنا، أي أن نصنع ثقافتنا البديلة بدلا من السماح بتغلغل الثقافات الأخرى"، يقول حنّا عطالله.

استراتيجية للسنوات القادمة

عمل دؤوب منذ إطلاق "فيلم لاب: فلسطين" النسخة الأولى لمهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، رغم المعيقات الداخلية والخارجية، والصعوبات المفروضة على الأراضي المحتلة، لا يزال فريق المهرجان يبذل قصارى جهده بأن يستمر، ويسخر كل إمكانياته في أن يكون في فلسطين مهرجاناً سينمائياً دولياً، والارتقاء به وتطويره عاماً بعد عام، ولذلك يضع "فيلم لاب" العديد من الخطط والاستراتيجيات المستقبلية ويسعى لتحقيقها، ومن بينها كما تقول عُلا سلامة المدير المكلف في "فيلم لاب": نأمل في السنوات القادمة أن يصبح لدينا جائزة للفيلم الروائي الطويل سواء بمراحل التطوير أو ما بعد الإنتاج، ونأمل كذلك أن نتوسع في منح جوائز المهرجان للعالم العربي ليتمكن صناع الأفلام العرب التقديم لهذه الجائزة. ونأمل أن نحقق ذلك عبر حث القطاع الخاص الفلسطيني والمؤسسات الرسمية الفلسطينية والتلفزيون على الاهتمام بالقطاع السينمائي الفلسطيني، وعقد شراكات مع داعمين عرب وعالمين وهذا ما نعمل عليه طوال الوقت.

١٢ متنافساً ولجنة لتحكيم جائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج

جدير بالذكر أن ١٢ مشروعاً تتنافس على جائزة طائر الشمس الفلسطيني للإنتاج هذا العام، هي " دماء كالماء" للمخرجة ديما حمدان، " امبليفايد" للمخرجة والمنتجة دينا ناصر، "جريح رقم 12535" للمخرج والمنتج عامر ناصر، "100 طائر" للمخرج بشار زعرور، "طوبى للعشاق" للمخرج وكاتب السيناريو ايهاب جاد الله، " الأوفياء" للمخرج وكاتب السيناريو اسماعيل هبّاش، "المسكوبية" للمخرج والمنتج وكاتب السيناريو مجدي العمري، "المفتاح" للمخرج والمنتج وكاتب السيناريو ركان ميّاسي، " تشويش" للمخرج والممثل رمزي مقدسي، "أبناء آوى" للمخرج سعيد زاغة، " "بين موت وبين" للمخرج والممثل وسیم خیر، "صديقة من المشرق/وقت مقترض" للمخرج كمال الجعفري. 

في حين تضم لجنة التحكيم عن جائزة طائر الشّمس الفلسطيني للإنتاج كل من: المخرج ومحرر الأفلام وكاتب السيناريو الدينماركي برامي لارسن، وهو مدير "ورشة عمل الأفلام" في كوبنهاجن منذ العام 1995، والمخرجة والمنتجة الفلسطينية آن ماري جاسر، التي أخرجت وأنتجت أكثر من 16 فيلماً، تم اختيار اثنين من أفلامها في قائمة مهرجان كان السينمائي الرسمية، وعُرض فيلم لها في مهرجانات برلين. وفينيسيا ولوكارنو وتيلورايد، وتقدمت أفلامها الطويلة الثلاثة للمشاركة في مسابقة جوائز الأوسكار عن فلسطين. كما وشاركت جاسر كعضو لجنة تحكيم في مهرجان كان للأفلام السينمائية. 

والمستشار ومصمم برامج تطوير الأفلام ماثيو دراس. الذي يقود عدداً من برامج تطوير الأفلام والمواهب والبرامج الاستشارية الفاعلة حول العالم، منها: First Cut Lab ،Pop Up Film Residency ،Full Circle Lab. كما وأنشأ في الماضي وأدار الشبكة الأوروبية لسينما الشباب NISI MASA، وساهم بكتاباته في مجلة بوزيتيف للأفلام وعمل بمنصب المدير الفني في تورينو "فيلم لاب". بالإضافة إلى عمله في عدد من مهرجانات الأفلام الرئيسية في أوروبا، ويتعاون دراس مع مؤسسة الدوحة للأفلام منذ العام 2016 كمستشار في ورشة كتابة سيناريو القصة القصيرة وورشة "حزاية" لكتابة السيناريو، كما يقدم المشورة للمشاريع التي تعرض في القمرة.