حمالة الحطب

2018-06-25 13:00:00

حمالة الحطب
Tayseer Barakat, Rebirth

اليابانية قرأت القصة فوجدت نفسها الشخصية النسوية فيها. وقد احتارت في الأمر. نسيتني وأخذت تبحث عن ضمير الغائب وصرنا في حياتها اثنين أنا وهو؟ علماً بأنني هو.

1-

فجأة وجدتني ”قربان“ محمود درويش.

فجأة وجدتني أكرر:

”لا تنكسر! لا تنتصر، كن بين-

بين معلقاً، فإذا انكسرت كسرتنا، وإذا

انتصرت كسرتنا، وهدمت هيكلنا، إذن

كن ميتاً-حياً، وحياً-ميتاً، ليواصل

الكهان مهنتهم“

ومنذ 1989 وأنا بين-بين معلقاً. لم أنتصر ولم أنكسر، لأنني أدركت بالغريزة أن انكساري انكسار وأن انتصاري انكسار أيضاً.

لم أفكر إطلاقاً بالكهان ومهنتهم فهم آخر من يعنونني، ولكني فكرت بروز وفائزة أكثر.

وأنا الآن ميت-حي وحي-ميت. هدمت هيكلاً أو مشروعاً ولم أقو على ما هو أكثر.

ما زلت لاجئاً ولم أعد إلى يافا على الرغم من أن الأرض لاجئة في جراحي. (من يذكر قصيدة محمود درويش المهداة إلى أبو علي إياد "عائد إلى يافا"؟).

2-

حمالة الحطب:

فجأة وجدتني صباح يوم الجمعة صاحب دعابة وخفيف دم.

يوم الأربعاء مساء جاء العامل ليأخذ أجرة نشر  سعف النخيل الذابلة (لم يتقن عمله وابتزني ).

صباح الخميس ظلت الساحة غير منظفة. مساء اليوم نفسه نظف ابن أخي جهة واحدة وترك الثانية.

سعف النخيل الذابلة منظرها لا يسر ولو رمى أحد المدخنين عقب سيجارة لاشتعلت النيران وربما أحرقت المنزل كله وفيه مكتبتي. ماذا سأفعل؟

صباح الجمعة وجدتني نشيطاً.

أخذت أجمع  ما استطعت من سعف النخيل وأضعها على الدرج مدخل العمارة  وتمكنت من إعاقة الحركة.

أحد إخوتي تساءل من فعل هذا؟

ووجدتني أقول له: أم لهب، حمالة الحطب.

كنت دفعت للعامل 250 شيكلاً أجرة ولم أسأل ولكني تمنيت أن يقوم أبناء أخي بتنظيف الحديقة ولم يفعلوا إلا قليلاً وانتظرت حتى المساء لأقوم أنا بما لم يقوموا به.

فجأة وجدتني صاحب دعابة وخفيف دم وفجأة وجدتني أم لهب فما أكثر الأنبياء في زماننا وبخاصة في الشهر الفضيل.

3-

القصة تفسد القصة:

فجأة قررت أن أتزوج امرأة من اليابان! أي والله فجأة اتخذت قراري ثم فجأة وجدتني أفسد الأمر. ”امرأة من اليابان!“

كل ما في الأمر أنني كتبت قصة استوحيت فيها قراءات عديدة من الأدب الفلسطيني وفجأة اخترت امرأة يابانية وصغت القصة بضمير الهو-الضمير الثالث، ضمير الغائب.

اليابانية قرأت القصة فوجدت نفسها الشخصية النسوية فيها. وقد احتارت في الأمر. نسيتني وأخذت تبحث عن ضمير الغائب وصرنا في حياتها اثنين أنا وهو؟ علماً بأنني هو.

فجأة تذكرت قصيدة محمود درويش "شتاء ريتا الطويل“ وكتبت: ”أنا هو!

هل أنت أنت؟“

وكان القطار قد فاتني وفاتني موعده ولطالما حدث معي شيء مثل هذا وسرعان ما أخذت أكرر المثل الشعبي: ”اجت الحزينة تفرح ما لقيت مطرح“.

وكل ما سبق ”حكاية أولها كذب وآخرها كذب“.