خداع  بصري

2016-11-29 14:00:41

خداع  بصري
للفلسطينية نداء بدوان

سلطان القيسي

شاعر من فلسطين

كطرحة  عرس

 

العمرُ ممدٌ أمامي الآن، كطرحةِ عرسٍ

أو كسرير وثير..

أنا مشدوهٌ كرجل بلا ساقين

يقفُ قلبه كلما مرت امرأة ذهبيّة

 

في التجاعيد الزرقاء كان يمرُّ وجهكِ كاملًا كالمحاق

في حوض القرنفل كان صوتكِ الشقيُّ يختبئ

وأنا أعدُّ:

واحدٌ

واحدةٌ

اثنان

واحدٌ

يتهللُ وجهي مغمضَ العينين من فكرة الالتحام

 

قبل أن ينبهني صاحبي: أخطأتَ في العد يا صاح!

قل: واحد.. اثنان.. ثلاثة.لم أنتبه إلى ثالثنا: الفراق الشبحُ الذي كان يجيء معك دائمًا على هيئةِ شالٍ أسودَ

أو حقيبةٍ بيضاءَ تحملُ أشياءكِ وتروح.

العمرُ يتمايل أمام حزني

حتى أمدَحَ قامته الممشوقةَ

ثم يمرقُ مثل امرأةٍ بلا شهوةٍ وبلا حصانٍ

ببطئ على ساقين مكينتين تتجادلان طوال الطريق

ببطئ كسكينة حافية تذبحُ

ببطئ كسكينة حافيةٍ..

حافيةً تمرقُ في البال..

وبلاط المخيّلة يرتجُّ فيتجعّد، حتى يصبحَ بحرًا

 

في بالي شرفةُ سيدةٍ صارت جنّة

في بالي شرفتكِ ووردُ يديكِ السكران بنقش الحنّا

في حضني كلّ فراغٍ، فيما أنغمسُ بوجهك.

لو جنّ الليل، سيعقِلُ فجرًا ثم يحدّث عني الناس:

هذا الولدُ الشاعرُ مسحورٌ وبه جُنّة

وأنا يا امرأتي بالحقِّ أجيءُ

ولكنّ العالم يسخر منا؛

نحن العشّاق، ويبصق قنبلة في وجه الوردةِ

يسرق منا الصبر ويسرق منا السلوى والمنَّ

ماذا أفعلُ بحذائكِ تحت سريري المزدوجِ الفارغِ؟

ماذا أفعل بحذائك، هذا الفارغ من خطوكِ

جسداً دون الروحِ،

وروحكِ في الأشياءِ وفيَّ،

والحظ هناك يعرّجُ فيما لا يجبُ عليه ولا يجبُ عليكِ ولا يجبُ عليّ؟

الحظ كبغل يغطسُ في الوحلِ بطيءَ الفهمِ ويمشي

أوينبحُ قرب الباب عليّ

ويلعقُ خدَّي غربتكِ ويذكي فيك الخوفَ

ويُسمنُ رِدْفَيْ فرحتكِ ولا يغني من شَيّ..

 

من فوق أطلُّ على الساحةِ العامّةِ:

عاملُ نظافةٍ واحدٍ لن يستطيع تكنيس فخّار أحلامنا المحطومةِ

ولن يقوى على حمل جثة العمرِ..

من فوق

أرى عليًّا ابن الجهمِ يلوّحُ لريمه بسيفه المكسور

وأرى "جان جينيه" بنصف ابتسامةٍ يقعُ من "بلكونه الكبير"

وأرى طفلاً أعمى يعدُّ:

واحد

واحدة

اثنان

واحد

ويفتحُ عينيه ولا يرى شيئًا.

 

 

خداع  بصري

 

1

مثل قميص على ظهر المقعد...

 

2

الطفل القصير يرى النمل متكاتفًا

الرجل الطويل يرى دخان الحرب.

 

3

تعالي نغسل أحلامنا من أولئك الذين يقتلوننا باسم الحب، ويرفعون علمَ فلسطين عاليًا وهم يقفون على جثث الأبرياء!

 

4

مثلَ ناقةٍ عرجاء في صحراءِ كفك، أركُضُ...

 

5

ليس رجلًا هذا الذي يقف مذهولاً،

إنه مقبرةٌ هائلةٌ، مُرّوا عليها واقرأوا الفاتحة،

في داخله قلبٌ كبيرٌ مات.

6

أظل أتعثّر بخيط الموسيقى النازل خطوِكِ!

 

7

القبلة العصية التي بيننا، تقف كفاصلةٍ منقوطة.

 

8

أنت حزينة

قلبي فاصلة بين جملتين، في كلام فارغ!

 

9

كان كرسيها فارغًا

كان قلبي ممتلئًا بها،

فراغها كان أجملَ الحاضرين!

 

10

كلّما تسلّقَ الصباحُ جدار الكونِ، كطفلةٍ تصعد سلّمًا حديديًّا

تخيّلتُ أنّ صريرَ خطواتها عصافير؛

هكذا أُخْرِجُ الحيَّ من الميّتِ!

11

نقضي حياتنا نتعلم، نتعلم كيف نموت.

 

12

على جهل قطف الوردةَ آدمُ

ومشى إليها، متحديًّا مصيره،

هذا الكون بُنِيَ على الحب!

 

13

وحدها أمُّكَ، تنظر في برواز صورتكَ لتصفف شعرها!

 

 

سيكولوجيا الجهات

 

لا فرق بين الشرق والغرب

سوى أن الأغنية في الشرق

يقطعها الأذانُ حاملًا السماءَ

بما فيها من غمامٍ وحمامٍ

فتسقط ريشة على يد الشاعر

يدُ الشاعر على مقبض الباب

تنتظر شِيفرة الدخول، الريشة،

الباب يفضي إلى قصيدِة جديدة تبحث عن الحقيقة

 

والأغنية في الغرب

يقطعها الجرس،

الجرس يوقظ الفكرة،

الفكرة تهرول في الشارع،

هي ما يشبه الأبد، ولها ذيل فولاذي،

تجره وراءها، فتشق طريقًا للفيلسوف

فيلاحقها باحثًا عن الحقيقة.

 

أما الحقيقة فهي تلك النعامة

التي تنأى برأسها عن وجع الجهات

وتدسّه في السماء، غير عابئة بالحفارين.


النّصوص من "بائع النبي"