"لولا أن التفّاحة" لعلي مواسي

2016-11-03 03:48:54

للمصوّر الألماني أدامتشيك لوتَر

"لولا أنّ التفّاحة"، عنوان المجموعة الشعريّة الأولى للشاعر علي مواسي من فلسطين، والتي صدرت حديثًا عن الدار الأهليّة للنشر والتوزيع في عمّان – الأردن.

تقع المجموعة في 232 صفحة، وهي تضم 36 قصيدة موزّعة على 6 أبواب، عنونها الشاعر بالتالي؛ للسؤال باب، للقلب باب، لَهُن باب، لي باب، للدّار باب، للوجع باب. وقد صمّم غلاف المجموعة الفنّان زهير أبو شايب، أمّا صورة الغلاف فهي للمصوّر الألماني أدامتشيك لوتَر. 

لغة جامحة

كتب الأديب حنّا أبو حنّا في تظهيره للمجموعة: "هنيئًا لنا هذا الشعر الجديد الجريء المدهش: صياغة وصورًا ورسالة! يعمد علي مواسي إلى أن ’يجمع كل نايات الوجود من حدائق المغنى"، فقد "ارتفع ضغط الإلهام" و"آن الأوان لتُخْرِج من صخرة الروح وردة لا تعرف الذبول." وهو رائد تكمن في أوتار قيثارته ألحان بكار تنهل من قلوب وعيون وهموم."

ويضيف أبو حنّا: "اللغة في هذا الديوان جامحة، تفاجئ القارئ بتطويعها، وبثروة قوس قزح، ألوانها وتشكّلاتها، وإذا بالإلهام يحملنا إلى عالم المفاجأة:

إنْ طلبَ اللهُ منْكَ ذبحَ ابنِكَ

لتحصلَ على أرضٍ لستَ تملكُها

تنكّرْ

فهوَ حتمًا يحبُّ عدالةَ الثّائرين!

شكرًا على ألحان هذا الإلهام، وإلى المزيد من الإبداع."

التزام غير صارخ

أمّا أستاذ الأدب العربيّ الحديث ورئيس مجمع اللغة العربيّة في الناصرة، محمود غنايم، فقد كتب حول التجربة الشعريّة في هذه المجموعة: "ينطلق شعر علي مواسي من واعية فنّيّة ووطنيّة ناضجة، فهو لا يكتب فقط من أجل الفن، وهو حقّ لا أحد يأخذه عليه، لكنّه يرفد ذلك الوعي الفنّي برسالة وطنيّة يحملها بين جوانحه، وتتكشّف في كل جملة شعريّة ينطق بها. إنّه التزام غير ضاج ولا صارخ، يتساوق مع مفهوم حداثي يتآلف مع مفاهيم العصر وتجلّيات الحداثة."

تجدّد وتنوّع

وكتبت أستاذة الأدب العربيّ الحديث، امتنان الصمادي: "تعدّ تجربة الشاعر علي مواسي في هذا الديوان ناضجة ومهمّة، وذلك للتجدّد والتنوّع في طبيعة التجربة الشعريّة، والقدرة على بعث الصورة الفنّيّة بجماليّة تنسجم ومقتضيات العصر، بالإضافة إلى القدرة على توظيف المخزون الثقافي والتراثي بوعي وطلاقة، ونضج الحسّ الوطني، والانعتاق من عباءة الشعراء الآخرين وعدم الوقوع في شرك التقليد، وتميّز الصوت الشعري الذي يعبّر عن ذاته وروحه، وكذلك لفهمه لرسالة الشعر وإدراكه لطبيعتها الحداثيّة وتلوّناتها الفنّيّة."

حداثة في التركيب والمعالجة

كما كتب أستاذ النقد والبلاغة، خالد الجبر، حول المجموعة: "يمتلك علي مواسي مقوّمات الشاعر الحقيقي بكل جدارة: لغة، وتصويرًا، وحداثة تركيب ومعالجة، وإيقاعًا داخليًّا ينضاف إليه -حين يتغيّا ذلك- إيقاع خارجي منضبط، هذا فضلًا عن مفردات خاصّة تكاد تميّزه من غيره من الشعراء الشباب ممّن قرأت لهم. وقد أزعم أنّي واكبت الشعراء الشباب في الأردن وفلسطين على مدار العقد الأخير، وكتبت فيهم وعنهم، وتابعت أشعارهم ونصوصهم... ووجدت علي مواسي شاعرًا في مقدّمتهم، متميّزًا بأسلوبه ولغته وتشكيله وصوره."

قصيدتان:

 

 

(1)

لا لشيء

 

نسرّبُ سوائلَنا المنويّةَ

في زجاجاتٍ معقّمة

 

نحفرُ في الرّملِ الرّخوِ مدينةً

كيْ نشتري الملابسَ الدّاخليّةَ

ومسحوقَ الحليب

 

نمرّرُ ألفَ كعكةٍ إلى العاصمة

عبرَ ثقبٍ في

الجدار

 

 

نبني بيتَنا المطحونَ مئةَ مرّةٍ

في رياحِ الجنوب

 

نجتاحُ في أعيادِ المسلمينَ

المدنَ السّاحليّة

 

نحتفلُ بدفنِ جثّةٍ

بعد ثلاثمئةِ يومٍ منَ

الانتظار

 

نصنعُ منْ أنابيبِ المياهِ

ما يُدْخِلُ إلى ملجأ

دولةً كاملة

 

نشربُ ماءً وملحًا

لنرى في سماءٍ طبيعيّةٍ

قمرًا طبيعيًّا

 

نتلقّى السّقفَ فوقَ رؤوسِنا في صوريفَ

وحيدينْ

بعدَ سبعِ ساعاتٍ منْ عنادِ

الرّصاصِ في وجهِ

الكتيبة

 

نبحرُ ألفَ ميلٍ نحوَ العالمِ الأوّلِ

في زورقِ صيدْ

منّا مَنْ يختارُ أبديّةَ الماءِ

في الطّريق

 

 

نسقطُ منَ الطّابقِ السّابعِ في شارعِ الحمراءِ

رقصًا

بعدَ أنْ رفضتْنا المدينةُ

ورفضنا العالم

 

نأكلُ العشبَ

والقطط

 

ولا ننسى أن نعزفَ على البيانو

لما تبقّى منّا في شوارعِ

الحصار

 

نفعلُ كلَّ ذلكَ

لا لشيءٍ

سوى أنّنا نريدُ أنْ

نعيش

 

(2)

علبة

بردٌ

إلّا منْ دمٍ يجري في مساراتِ السّؤالْ

صمتٌ

إلّا منْ كلامٍ في السّدى السّحيقْ

عتمةٌ

إلّا منْ حريقٍ في

العميقِ

العميقْ

 

كلّما فَكَكْتَ عقدةَ علبةٍ

صَغُرَ وجودُكَ في علبةٍ أعتى

 

كلّما حَلَلْتَ أحجيةَ بابٍ

خرجتَ إلى

انغلاقْ

 

إنّها الحيطانُ

محبوسةٌ بِكَ عنِ الخارجِ المجهولْ

تحاولُ ملامحَها عليْكَ بأصابعِ الجدوى

وتغفو حينَ تملؤُكَ بِها

بِلا

ج

د

و

ى

 

إنَّها اللّغةُ
يتّسعُ ضيقُها كلّما اتّسعتَ

لتنأى في العقيمْ

تقولُها

تعيدُ ذاتَكَ

تعيدُكَ

سُدًى منَ التّردادْ

 

إنَّها يدُكَ

تخوضُ فيما ليسَ فيكْ

تتّسخُ باللّا شيءِ

تُنْقِصُكَ كلّما

زداتْكْ

 

إنّها الحيطانُ اللّغةُ يدُكَ

 

إنّها

أنتَ

العلبةُ

 

حرّرْكَ منْكَ

تَصِلْكْ